اسمها: خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.
أمها: فاطمة بنت زائدة بن الأصم ابن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر.
كنيتها: تكنى أم هند، والطاهرة، سيدة نساء قريش، في الجاهلية، وعن الذهبي: خديجة أم المؤمنين وسيدة نساء العالمين في زمانها أم القاسم بنت خويلد.
ولادتها ونشأتها:
ولدت (رضي الله عنها) قبل ولادة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بنحو خمس عشرة سنة (عام 68 قبل الهجرة الشريفة).
نشأت في بيت طاهر طيب الأعراق، على أكمل السير المحمودة وأحسن الأخلاق، فكانت (رضي الله عنها) متكاملة حسنا وعقلا، وجمالا وفضلا، حازمة رشيدة في جميع أمورها، حسنة التدبير والتصرف في جميع شؤونها، ذات فراسة قوية، وهمة علية، لها نظر ثاقب، ومعرفة دقيقة بالعواقب، أغناها الله تعالى بسعة النعم، وكثرة الخدم والحشم، ومن عليها ذو الجلال بكثرة الأموال، فكانت تستأجر الرجال، ليتاجروا في ذلك بالحلال، فتضاربهم عليه بشئ معلوم، ويستفيد بذلك الجميع على العموم، وظهرت أسرار تلك الأخلاق المرضية، والأوصاف الحسنة الزكية، فيما بلغته بين قومها في الجاهلية، من مكانة علية، ورتبة سنية، وشهرة قوية، فهي الدرة الثمينة الطاهرة.
إسلامها (رضى الله عنها):
كانت أول من آمن بالله وبرسوله، وصدقت بما جاء منه، فخفف الله بذلك عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى لا يسمع شيئا مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له، فيحزنه ذلك، إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها، تثبته وتخفف عليه، وتصدقه وتهون عليه أمر الناس.
عن ابن عباس أنه قال: أول مَن آمن برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الرجال علي (عليه السلام) ومن النساء خديجة (رضوان الله عليها).
أشعارها(رضى الله عنها):
ذكر العلامة الأميني في غديره: شعر أم المؤمنين خديجة... كانت رقيقة الشعر جدا، ومن شعرها في تمريغ البعير وجهه على قدمي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ونطقه بفضله كرامة له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قولها:
نـطق البعير بفضل أحمد مخبرا ***هـذا الـذي شرقت به أم القرى
هـذا مـحمد خـير مبعوث أتى *** فهو الشفيع وخير من وطئ الثرى
يـا حـاسديه تمزقوا من غيضكم *** فهو الحبيب ولا سواه في الورى
دين السيدة خديجة(رضى الله عنها):
من الأديان السائدة في الجزيرة العربية حينذاك وخاصة في مكة عبادة الأوثان ويقال لعبدتها المشركون، ويليهم في الكثرة الأحناف الذين بقوا على دين أبيهم إبراهيم الخليل (عليه السلام) ويدينون الله سبحانه وتعالى به، ويليهم النصارى، واليهود، والصابئة وقليل منهم يدينون بالركوسية، وهي خليط من عقائد الصابئة والنصرانية، كما كانت تدين بها قبيلة طي.
هذا ما كان من الأديان السائدة حينذاك، ومن الذين يدينون الله بملة إبراهيم من قريش هم بنو هاشم بن عبد مناف إلا ما شذ منهم مثل ( أبي لهب ) عبد العزى بن عبد المطلب، حيث صاهر بني أمية ودان بدينهم. وكثير من بني زهرة، وبني أسد، كانوا من الأحناف يدينون الله بدين إبراهيم الخليل (عليه السلام)، ومنهم السيدة خديجة بنت خويلد كانت تدين الله بالحنيفية، وكذلك ابن عمها ورقة بن نوفل الذي دان بالنصرانية بعد أن كان حنيفيا.
وكذلك السيدة آمنة بنت وهب وأهلها من بني زهرة والدة النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله وسلم)، والسيدة فاطمة بنت أسد الهاشمية وأهلها والدة الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وغيرهم كما يؤيد ذلك الزيارات الواردة عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) بقولهم: " أشهد أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة، لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها ".
ولا يمكن عقلا، وشريعة، وسليقة، أن يولد حماة الدين من أصلاب المشركين، أو الأرحام المدنسة بأنجاس الجاهلية، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ )، والشرك هو الظلم بعينه، وشاء الله الحكيم أن يحفظ رحم السيدة الطاهرة خديجة الكبرى ليكون وعاء طاهرا لصلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويحتوي النطف الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وأشقائها القاسم وعبد الله المكنى بالطيب والطاهر، وقد توفاهما الله لحكمته وهم أطفال، وما أنجبت خديجة غيرهم، ولم يأذن الله سبحانه وتعالى أبدا أن تولد السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وولداها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وذريتها الأئمة الطاهرون المعصومون أن يولدوا من نطف أو أرحام كافرة أو مشركة نجسة.
وفاتها (رضى الله عنها)
في أسد الغابة بسنده: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على خديجة في مرضها الذي ماتت فيه فقال: " بالكره مني ما أتى عليك يا خديجة، وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا ".
ولما تمت لها الكمالات الباهرة، وتوطنت الرتبة السامية العلية الفاخرة، وامتدت أنوارها وآياتها المتكاثرة.
توفيت (رضى الله عنها) في اليوم العاشر من رمضان، قبل هجرة سيد ولد عدنان، بثلاث سنين على الأصح من الأقاويل، ولم يصل عليها (عليه الصلاة والسلام)، لأنها لم تشرع الصلاة على الميت في ذلك العام، ونزل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قبرها، وسوى عليها التراب وأحسن نزلها، وهي فضيلة لها دون غيرها من أمهات المؤمنين، (رضى الله تعالى عنهن) إلى يوم الدين، وكان لها من العمر خمس وستون، ودفنت بمقبرة المعلى المعروفة بالحجون.
*معدّ من كتب السير.