من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ومن أصحاب الإجماع ومن رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وثّقه كلّ من ترجم له، وكان فقيهاً، متكلماً. وقد وردت روايات كثيرة عن أئمة أهل البيت في مدحه.
ينسب زرارة إلى آل أعين وهي من العوائل الشيعية وكان أكثرهم من أصحاب الأئمة (ع) ومن الرواة والفقهاء الشيعة.
اسمه الأصلي عبد ربه بن أعْين بن سُنسُن الشَيباني الكوفي، وأما زرارة فهو لقب له، وكنيته أبو علي.[1] ولد سنة 80 هـ أو 70 هـ، ومن المحتمل أن يكون ولد في الكوفة.
مكانته العلمية
عدّه جماعة من الذين أجمعت الطائفة على تصديقهم، والانقياد لهم بالفقه.
قال الكشّي : أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد الله عليهما السلام، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأوّلين ستّة: زرارة ، ومعروف بن خرّبوذ ، وبُريد، و أبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار ، ومحمّد بن مسلم الطائفي ، قالوا: وأفقه الستّة زرارة.[2]
وكان علماً من أعلام الدين، ومن كبار الفقهاء والعلماء فضلاً وتقوى، وكانت له يد في الفقه والكلام والأدب والشعر، إلّا أنّه كان ضليعاً في الفقه، إذ لا يخلو باب من أبواب الفقه من حديث له. ذكر له في المصادر الرجالية كتاب واحد فقط في «الاستطاعة والجبر»[3]
أقوال الأئمّة (ع) فيه
وردت أخبار كثيرة عن أئمة أهل البيت (ع) في زرارة وهي صنفان: أحدهما في مدحه والذي بلغ حدّ التواتر، والثاني في ذمّه، إلا أن المحدثين الشيعة حملوا الروايات الذامة على التقية والتي صدرت للحفاظ على حياته، ويستفاد هذا من ضمن بعض هذه الأخبار[4] ومن الروايات المادحة:
قال الإمام الصادق عليه السلام: «أوتاد الأرض، وأعلام الدين أربعة: محمّد بن مسلم ، وبُريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي ، وزرارة بن أعين».[5]
قال الإمام الصادق عليه السلام: «ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة، وأبو بصير المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وبُريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفّاظ الدين، وأُمناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة».[6]
قال الإمام الكاظم (ع): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم وأبو بصير وعبد الله بن أبي يعفور وعامر بن عبد الله بن جذاعة ، وحجر بن زائدة وحمران بن أعين، ثم ينادى سائر الشيعة مع سائر الأئمة عليهم السلام...».[7]
أقوال العلماء فيه
قال ابن النديم البغدادي: وزرارة أكبر رجال الشيعة فقهاً وحديثاً ومعرفة بالكلام والتشيّع.[8]
قال النجاشي: شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدّمهم، وكان قارئاً فقيهاً متكلّماً شاعراً أديباً، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين، صادقاً فيما يرويه.[9]
قال الشيخ الطوسي: ثقة.[10]
قال الشيخ المامقاني: ووثّقه كلّ مَن صنّف في الرجال وإن اختلفت في حاله الأخبار، فالأصحاب متّفقون على أنّ هذا الرجل بلغ من الجلالة، والعظم، ورفعة الشأن، وسموّ المكان إلى ما فوق الوثاقة المطلوبة للقبول والاعتماد، وتظافرت الروايات بذلك، بل تواترت معنى.[11]
روايته للحديث
يعتبر من رواة الحديث في القرن الثاني الهجري، وقد وقع في إسناد كثير من الروايات تبلغ زهاء (2211) مورداً، فقد روى أحاديث عن الإمامين الباقر و الصادق عليهما السلام.[12]
من روى عنه
ذكر بعض المحققين أن الذين رووا عن زرارة] بلغوا المائة شخص، ومنهم: موسى بن بكر الواسطي، وأبان بن تغلب الحريزي، وحنّان بن سدير، وجميل بن دراج، وهشام بن سالم، وابن بكير، وابن مسكان، وأبو خالد، وثعلبه بن ميمون، وعلي بن عطية، وعمر بن أذينة، ومحمد بن حمران، وحريز، والحسن بن موسى.[13]
ذريته وإخوته
كان لزرارة أولاد كلهم من أصحاب الإمام الصادق (ع)، ومن الثقات، هم: عبيد (أو عبيد الله)، ورومي، وعبد الله، وحسن، وحسين، ومحمّد، ويحيى[14]
وكان لزرارة إخوة، فمنهم عبد الرحمن وبكير وحمران كانوا من الوجوه[15] وله أخ أخر اسمه عبد الملك دعا له الإمام الصادق (ع) بعد موته وترحّم له.[16] كما كانت له أخت اسمها أم أسود تعرفت على الإمام الصادق (ع) بواسطة أبي خالد الكابلي وحضرت مجلس درس الإمام، وكانت أول من تشيّع من بين آل أعين.[17]
وفاته
اغلب المحدثين ذهبوا إلى أن وفاته سنة 148 هـ، وذلك بعد شهادة الإمام الصادق (ع) بشهرين أو أقل، ولكن البعض الأخر أشار إلى أن وفاته سنة 150 هـ.[18]
الهوامش
1- البغدادي، الفهرست، ج 1، ص 308 - 309.
2- الكشي، رجال الكشّي، ص 2، ص 507، برقم 431.
3- النجاشي، رجال النجاشي، ص 175.
4- الكشي، رجال الكشي، ص 125؛ الشوشتري، مجالس المؤمنين، ج 1، المجلس الخامس، ص 344.
5- الكشّي، رجال الكشي، ص 238، ح 432.
6- الشيخ المفيد، الاختصاص، ص 66.
7- الكشي، رجال الكشّي، ص 9، ح 20.
8- البغدادي، الفهرست، ج 1، ص 276.
9- النجاشي، رجال النجاشي، ص 175، برقم 463.
10- الطوسي، رجال الطوسي، ص 337، برقم 5010.
11- المامقاني، تنقيح المقال، ج 28، ص 88، برقم 8393.
12- الخوئي، معجم رجال الحديث، ج 8، ص 225، برقم 4671.
13- باقري بيدهندي، أصحاب اجماع.
14- الزراري، تاريخ آل أعين، ص 88.
15- الكشي، اختيار معرفة الرجال، ص 161.
16- الکشي، اختيار معرفة الرجال، ص 175.
17- الشیباني، رساله أبي غالب الزراري، ص 130 - 135.
18 الكشي، أختيار معرفة الرجال، ص 143؛ الشوشتري، مجالس المؤمنين، ج 3، ص 362؛ القمي، سفينة البحار، ج 1، ص 548.